الجمعة، 17 يوليو 2009

ابن العم..محمد عبد العزيز

ـــــــــــــــــ
لقطة حديثة بالموبايل لابن العم محمد عبد العزيز (10/11/2009)
ما أكثر النماذج البشرية التي صادفها الإنسان في الحياة!
وذلك علي جميع المستويات ، وفي مختلف المجالات..ولكن القليل منها هو الذى لا تمحوه الذاكرة مهما طال الزمان.
(انظر المقدمة بعنوان "دوّر ع الناس")
ـــــــــــــــــــــ

ابن العم..محمد عبد العزيز (ديسمبر 1948)

* محمد عبد العزيز إسماعيل ، هو أحد أبناء عمومتي ، وأهمهم في حياتي.
* لا يختلف إثنان في العائلة بكل فروعها علي دوره الفعال المؤثر في كافة المناسبات العائلية ، سواء من أفراح أو أتراح ، ومن أداء الواجبات في عيادة المرضي أو شد أزر المكلومين أو مساعدة المحتاجين ، أو الصلح بين المتخاصمين ، وذلك علي النطاق الأوسع للعائلة بكل فروعها ، داخل الإسكندرية وخارجها..
* كان منزله الكائن في شارع إبراهيم باشا نجيب (المعروف بشارع 8) بكرموز ، والفرن الذى يقع أمامه ، بمثابة القبلة التي يؤمها الجميع ، ومقرّاً لتجمع العائلة علي امتدادها وبمختلف فروعها ، سواء من داخل الإسكندرية أو خارجها ، وكان يتعين علي كل قادم من أى مكان في الجمهورية ، أن يثبت حضوره أولا وعلي أقل تقدير في "كرموز" أى في هذا المنزل ، وظل الحال كذلك بعد وفاة عمنا المعلم عبد العزيز ، حيث أكمل نجله محمد مسيرته.
قال صلى الله عليه وسلم : (الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله،ومن قطعني قطعه الله) متفق عليه(للمزيد)
* لا يوجد في عائلتنا الكبيرة المتشعبة ، والموزعة علي مختلف الأقاليم ، أحد ـ في أى مرحلة عمرية ـ لا يعرف محمد عبد العزيز ، أو لا يعرفه محمد عبد العزيز ، معرفة جيدة ومباشرة ، ولا يوجد بيت في هذه العائلة بمختلف فروعها في جميع أنحاء البلاد ، لم يدخله محمد عبد العزيز ، مهنئا ، أو معزيا ، أو مجاملا ، أو متصديا لإحدى المشاكل ، أو راغبا في صلة الرحم...إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض " (للمزيد)

بِرْوا أرحامَكم ولو بالسّلام
* لا توجد أبة شبهة عداوة بين محمد عبد العزيز وبين أى فرد ، كبيرا أو صغيرا ، رجلا أو امرأة ، وعلي العكس من ذلك ، فإن أواصر المحبة والمودة والإعزاز والتقدير ، هي العلاقة الوحيدة التي كانت ، وما زالت تربطه بالجميع ، علي مر الأيام والليالي.
ــــــــــــــ

ــــــــــــــ
* يعتبر محمد عبد العزيز بحق ، هو محور أنشطة وتحركات عائلتنا الكبيرة ، ووجوده حتمي وضرورى وأمر مفروغ منه ، في أى مناسبة اجتماعية ، كما يعتبر في نفس الوقت بمثابة الدليل المتحرك والسجل الحي ، لكافة أحوال هذه العائلة ، ما ضيها وحاضرها ، آمالها وآلامها ، أفراحها وأحزانها ، تطلعاتها وإحباطاتها...إلخ.

ـــــــــــــــــ
«خيرُ الناسِ أنفعُهم للناس»
ـــــــ
«خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلى»
ــــــــــــــــ
* محمد عبد العزيز هو المثل الأعلي ، والقدوة الصالحة ، في كل شئ ، وخاصة في البر بالوالدين ، ورعاية الأسرة والأبناء والأشقاء ، وصلة الرحم بجميع الأقارب وبدون استثناء.

{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } الفرقان: 63
* بفضل السنوات التي قضاها في العمل في شركة الغزل الأهلية بكرموز ، وتوليه منصبا شديد الأهمية ، كمسئول عن التعيينات بالشركة ، تمكن من تشغيل المئات من أولاد الناس ، بما فيهم شباب العائلة وفتياتها ، وتحسين مستوياتهم المعيشية وأحوالهم الاجتماعية بالتالي ، وهكذا ساهم في فتح العديد من البيوت..إلا أن هذه الشركة ـ التي كانت إحدى قلاع صناعة الغزل والنسيج في مصر ـ تعرضت للخصخصة فيما بعد ، ونالها ما نال غيرها من مؤسسات القطاع العام من تدهور ثم إفلاس ثم اختفاء..ولشد ما أحزنه رؤيته لها أثرا بعد عين ، بعدما سويت بالأرض تماما ، فغلبه الحزن وبكي عليها بالدموع!

(موقع الشركة الأهلية للغزل والنسيج فرع محرم بك بمدينة الإسكندرية علي خريطة القمر الصناعي)
محمد عبد العزيز يرتدى زى الشرطة العسكرية أثناء فترة التجنيد عام 1956
ـــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــ
* ولما لم يكن لي أخ في أى وقت من الأوقات ، حيث نشأت وحيدا لوالديه بين أختين شقيقتين ، فقد وجدت في "محمد عبد العزيز" نعم الأخ الذى لم تلده أمك" كما تقول الحكمة ، بالمعني الحقيقي للكلمة..لذا فقد كان له دور اجتماعي كبير في حياتي ، كما تعلمت منه الكثير في مدرسة الحياة ، في الوقت الذى كنت أدرس فيه في الجامعة ، وذلك بحكم تواجده الكثيف في حياتي ، وقضاء الساعات الطويلة بجانبه سواء في منزلنا ، أو في زيارة بعض الأقارب ، أو في الجلوس علي إحدى المقاهي ، حيث كان هو يطلب الشاى والشيشة ، وكنت أنا أطلب في ذلك الوقت الحلبة الحصي.
مولد سيدى ابراهيم الدسوقي
* من المناسبات التي لا أنساها اصطحابه لي في رحلة خاطفة إلي مدينة دسوق ، لحضور الليلة الكبيرة لمولد سيدى إبراهيم الدسوقي ، حيث غادرنا الإسكندرية عصرا لنعود إليها في صباح اليوم التالي ، باستخدام سيارات الأجرة بين المحافظات من موقفها المعتاد في محطة مصر..وفي هذه الرحلة تعرفت علي الفولكلور الشعبي المصرى المرتبط بالموالد ، وذلك لأول مرة في حياتي...شاهد: فيديو الاحتفال بالليلة الختامية لمولد ابراهيم الدسوقي
لقطة تجمعني مع محمد عبد العزيز ونصر محمد عبد الجواد في مخبز عبد الجواد بامبروزو
( رمضان 1379 هـ./ مارس 1960 م.)

ش. بدر الجمالي الذى يقع فيه فرن المعلم محمد عبد الجواد بامبروزو
* قضيت مع محمد عبد العزيز الكثير من الأوقات الجميلة ، وعشت معه بعضا من ذكريات الشباب المبكر ، خلال فترة الدراسة الجامعية ، ومن هذه الذكريات قضاء بعض ليلي رمضان أثناء وجوده بالمخبز الخاص بوالده والكائن أمام منزلهم بكرموز ، حيث كان الأهالي يستأجرون الصاجات ويملئونها بأصناف الكعك المختلفة ، ثم يعودون بها إلي المخبز لتسويتها..ولعل الصورة التي أمامنا تذكرنا بهذه الأيام ، وإن كانت قد التقطت بمخبز المعلم محمد عبد الجواد خلال هذا الشهر الكريم.

البسطرمة..الطبق المفضل عند محمد

* ومما تعلمته من محمد عبد العزيز عمل طبق البسطرمة بالصلصة ، حيث كان ماهرا في شئون المطبخ ، ومولعا بإعداد هذا الطبق علي وجه الخصوص ، وقد نقلت هذه التجربة معي إلي أسيوط بعد التعيين في التربية والتعليم ، والسكن مع بعض الزملاء المغتربين ، القادمين من مختلف الأقاليم ، حيث كنت أحمل في حقيبتي أثناء العودة من الإجازة بعض المواد الغذائية ، ومنها قطعة البسطرمة لزوم عمل هذا الطبق الذى نال إعجاب الجميع ، ولا يحتاج إلي وقت أو محهود.

اللب الأسمر ..وسيلة التسلية في الطريق

* وبمناسبة الحديث عن المأكولات ، فلا بأس من الإشارة إلي أحد أنواع المسليات التي كان مولعا بها ، وأقصد اللب الأسمر ، الذى كان يملأ به جيوبه ، لكي يقطع به الوقت أثناء حضوره من كرموز إلي منزلنا في بواينو ، وكان ينوبنا منه "شوية" في معظم الأحيان.

محمد عبد العزيز..نوفمبر 1967

* لا يتسلل الملل إلي أى مجلس يتواجد به محمد عبد العزيز ، وذلك بفضل الموهبة التي يتمتع بها في جذب الانتباه إلي حكاياته وذكرياته وعلاقاته المتشعبة..فهو يروى مثلا أنه اشترى الـ 6 بيضات بتعريفة (أى 5 مليمات وأقة اللحم (وليس الكيلو) بعشرة قروش!

أغرب من الخيال

* وعند محمد الخبر اليقين: حادث من الصعب أن يتكرر..ويتمثل في وفاة ثلاثة "عدايل" ودفنهم وتقبل العزاء فيهم في يوم واحد ، وهم أزواج بنات خالته سليمة الثلاث!

* استقر محمد عبد العزيز مؤخرا في أحد أبراج القضاة في نهاية شارع الرصافة ، ويمكن الاستدلال علي سكنه بسهولة بالسؤال عن "أبو المحامين" حيث يعتز في أحاديثه بأنه أنجب في ذريته سبعة محامين ، أشهرهم وأقدمهم نجله سعيد ، الذى يقع مكتبه في منطقة كرموز ، بالقرب من بيت العائلة القديم.

ـــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــ

الوالد رحمه الله..وحبه الشديد لمحمد

* كان والدى ـ رحمه الله شديد الحب لمحمد عبد العزيز ، ويرتاح إليه أكثر من أى إنسان آخر ، ويتوق إلي رؤيته والجلوس معه ، وبفضي إليه بكل ما يجيش في صدره ، من آمال وآلام.. وعندما تعرض لحادث الوقوع في الطريق العام إثر اصطدم راكب دراجة طائشة به ، وظل طريح الفراش علي مدى عدة شهور ، كان محمد يتردد عليه بانتظام ، ويلبي بعض احتياجاته ، كما أحضر له من يعطيه العلاج الطبيعي الذى احتاج إليه بعد فك الجبس ، وظل قريبا منه إلي أن توفاه الله. (انظر: إهداء وافتتاح عن الوالد)

الوالدة رحمها الله كانت تعتبره ابنها الأكبر
* كانت تربطه بنا علاقة خاصة منذ كنت طالبا بالجامعة ، وظلت تتوثق شيئا فشيئا ، وظل قريبا إلينا علي الدوام ، وكان مُحَبّباً إلي والدى ووالدتي ، وكانت والدتي تعتبره أخا لي ولشقيقتيّ ، وكانت كلما أصابها المرض توصينا بسرعة الاتصال به إذا وقع أمر الله ، مما كان يشعرها ويشعرنا معها بالأمان..
دخول المنارة من الباب "الوسطاني" بصحبة محمد عبد العزيز لإتمام إجراءات دفن الوالدة
وهذا ما حدث بالفعل عندما فاضت روحها الطاهرة وصعدت إلي بارئها ، في غرفة العناية المركزة بإحدى المستشفيات الخاصة ، فكان أول من اتصلنا به ، واعتمدنا عليه فيما استعصي علينا عمله ، هو محمد عبد العزيز ، وخاصة إجراءات الدفن التي تمت بحضور شقيقه الأصغر إسماعيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق