الأربعاء، 12 أغسطس 2009

الشيخ محمد شتيوى..رائد استكشاف "الذراع البحرى"

ما أكثر النماذج البشرية التي صادفها الإنسان في الحياة!
وذلك علي جميع المستويات ، وفي مختلف المجالات..ولكن القليل منها هو الذى لا تمحوه الذاكرة مهما طال الزمان.
انظر المقدمة بعنوان "دوّر ع الناس"
ــــــــــ
شاطئ أبو تلات
*هذا نموذج آخر في محيط الجيران ، ولكنه من منطقة أبو تلات ، أو بالتحديد من منطقة الذراع البحرى بالكيلو 26.. حيث قمنا ببناء شاليه متواضع لقضاء أيام الإجازات ..ألا وهو الشيخ محمد شتيوى ، الأستاذ بالتربية والتعليم.
ــــــــــــــــــــــ

الشيخ محمد شتيوى
* عرفته عندما اشتريت قطعة الأرض من أحد واضعي اليد ، وهو المرحوم رزق أبو شليتة ، واشترى هو القطعة المجاورة ، في وقت متزامن تقريبا..
منزل أ. محمد ، الملاصق لمنزلنا ف الكيلو 26


* وبينما كنت أنا وأسرتي ـ وما نزال ـ نتردد علي المنطقة علي فترات متباعدة ، بغرض الاستجمام و"تغيير الجو" فحسب ، فقد اتجه هو للاستقرار بمصاحبة أسرته قبل استكمال المباني ، في ظل ظروف بيئية ومعيشية غاية في الصعوبة ، وضرب أروع مثال في القدرة علي التحمل والتكيف ، والعزيمة والإصرار.


"نور البصائرِ والأَلباب في أحكام العبادات والمعاملات والحقوق والآداب"
* اختط لنفسه أسلوبا مميزا في تربية أولاده ، وفق استراتيجية واضحة المعالم ، ارتكزت علي قاعدة متينة من التمسك بالأخلاق الحميدة وتعاليم الدين الحنيف ، بشقيه الرئيسيين: العبادات والمعاملات ، والبعد عن وسائل اللهو والترفيه.

بحيرة المنزلة..تدهور أحوالها بعد تعرض 90% من مساحتها للتجفيف
* كانت له رؤيته المستقبلية للمنطقة ، حيث استثمر جيدا الظروف المحيطة ، سواء في مجال السكن أو في مجال العمل ، ونجح في الانتقال بأسرته من موطنه الأصلي في مركز المنزلة التابعة لـ محافظة الدقهلية ـ وهو مجتمع صيادين يشكو من الظروف الاقتصادية وقلة الموارد ، إلي هذه المنطقة النائية الواعدة ، بوابة الساحل الشمالي ، والتي تقع علي أطراف محافظة الإسكندرية ، وأصبحت فيما بعد ، وخلال سنوات قليلة امتدادا طبيعيا للتوسع العمراني للعاصمة الثانية للبلاد ..

منطقة السوق ومدخل شاطئ سيلفر بيتش (شاطئ فرج سابقا)..وهو أقرب الشواطئ إلينا
* هذه المنطقة التي سرعان ما تحولت من الاقتصاد القائم علي رعي الأغنام وغرس أشجار التين ، إلي الاقتصاد القائم علي تقسيم الأراضي وبيعها كأراضي بناء ، وما صاحبه من القيام بأعمال السمسرة والمقاولات ، وممارسة الأنشطة الحرفية والتجارية في كافة المجالات..وفي خلال سنوات قليلة أصبحت المنطقة ـ علي جانبي الطريق الساحلي الدولي ـ واحدة من الأحياء السكنية العامرة بالسكان.
ــــــــــــــ
*شاهد موقع إدارة برج العرب التعليمية بالنسبة للحي والمدينة
* كما استثمر العجز الذى تعاني منه التربية والتعليم ـ شأنها شأن جميع إدارات الخدمات ـ في مختلف أنواع العمالة ، فتمكن من دخول الإدارة مباشرة دون أية عقبات ، وهو أمر يصعب تحقيقه في الإدارات الأخرى ، وفي نفس الوقت فإن ضغوط العمل ومتطلباته المعروفة في تلك الإدارات لم تكن موجودة في هذه الإدارة بأى درجة من الدرجات ، مما يسر له التفرغ لتلبية مستلزمات الحياة ، ومواجهة مصاعبها في هذه المنطقة المنعزلة.
خطبة الجمعة
* أتيحت أمامه الفرصة لممارسة النشاط الديني المعتدل ، وذلك عن طريق إقامة الشعائر الدينية في أحد مساجد المنطقة ، في إطار الترخيص الممنوح له من وزارة الأوقاف ، بإلقاء خطبة الجمعة ، وإمكانية الإشراف بالتالي علي الأنشطة الجارية في المسجد ، سواء كانت خيرية أو تعليمية ، وذلك في ظل العجز القائم في الدعاة ، نتيجة لتوسع وزارة الأوقاف في عملية ضم آلاف المساجد والزوايا الأهلية علي مستوى الجمهورية.كما استطاع أن يشرك أبناءه واحدا تلو الآخر في هذا النشاط. * استطاع أن يتعايش مع المتغيرات الجوية وتقلبات المناخ في هذه المنطقة المكشوفة ، وجها لوجه ، الأمر الذى جعل منه ـ شأنه شأن المقيمين في هذه الجهات ـ أصدقاء طبيعيين للبيئة ، دون التعرض لما يعاني منه سكان المدن المزدحمة من أمراض البرد والحساسية وغيرها من الأمراض ، كلما احتكوا بالجو الخارجي.ولعل انتشار وباء H1N1 المعروف باسم انفلونزا الخنازير ، مؤخرا علي مستوى العالم ، وارتباطه الشديد بالتكدس والزحام ، يؤكد تلك النظرة المستقبلية وصحة اختيار هذه المنطقة للإقامة الدائمة.
هذا الشاب السوري يستطيع حمل 16 شيكارة أسمنت زنة الواحدة منها 50 كيلو غراما
* التمتع بصفة الاعتماد علي النفس بقدر المستطاع ، ومحاولة القيام بأى عمل يتطلبه الموقف ويتيسر أداؤه ، دون انتظار مساعدة من أحد ، وتوفيرا للتفقات في نفس الوقت..ومن ذلك القيام مثلا بحمل شيكارة أسمنت زنة 50 كيلو جراما علي ظهره ، من المستودع الكائن في مواجهة الشارع علي الطريق الدولي ، إلي المسكن ، دون اللجوء إلي العربات التي تجرها الحمير.
* وسرعان ما انتقلت هذه الصفات الشخصية إلي أبنائه ، فما أجمل أن يستغل الطالب الإجازة الصيفية في مزاولة أى عمل مهما كان شاقا ـ مثل أعمال المعمار ـ نظير أجر يومي زهيد ، لكي يتمكن من معاونة أسرته في تدبير مصروفات الدراسة الجامعية ، وهو أمر يدعو إلي الشعور بالفخر من جانبه ، واكتساب الاحترام من جانب الآخرين.
ـــــــــــــــــــ
* وإلي جانب هذه الصفات والاستعدادات الشخصية ، فإن الشيخ محمد شتيوى يتمتع بحاسة اجتماعية قوية ، تجعله أهلا لاستقبال أى وافد جديد إلي المنطقة ، ومد يد العون إليه ، فاكتسب بذلك صداقة ومحبة الجميع ، وأصبح عميدا للمستوطنين القادمين من مختلف الجهات ـ إذا صح هذا التعبير.
ـــــــــــــــــــــ
* حسن معاملة الجار ، والقيام بأداء الواجب الذى يمليه عليه الدين والعرف والتقاليد ، وبصفتي أقرب الجيران إليه ، فقد كان له العديد من المواقف النبيلة نحوى ، مما يجعلني أعتز بهذه الجيرة أيما اعتزاز. 
* ما من مشكلة أواجهها بخصوص المبني ، أثناء تواجدى هناك ، أو أثناء غيابي ، ولجأت إليه لحلها ، إلا ووجدت منه كل استعداد وكل شهامة ، سواء بنفسه أو بمعاونة أحد من طرفه ، دون أى تأخير ، والأمثلة علي ذلك لا تحصي ولا تعد! 
سيارة الكسح ..التي أنقذني الشيخ محمد من التورط في طلبها بدون طائل
* استطاع الإلمام بكافة تفاصيل الحياة في المنطقة ، بحكم الأقدمية المطلقة التي اكتسبها من طول الإقامة والاستقرار فيها ، مما أعطاه أكبر قدر من الحصانة ضد اتخاذ أى قرار عشوائي ، قد تترتب عليه خسائر مادية ، كما جعل منه مرجعا جيدا لكل من يريد المشورة..وقد استفدت شخصيا من خبرته هذه عندما بدأت مياه الصرف الصحي الارتداد في أحد الأوقات من خلال دورة المياه ، وبدأت الاستعداد لاستئجار سيارة الكسح ، لولا مروره بالمصادفة بينما كان السباك يجهز البئر لعملية الكسح ، فأخبرني أن عملية الكسح لم تعد مجدية نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية في المنطقة ، وأشار إلي المياه المتجمعة في الأرض الفضاء المقابلة ، قائلا إن هذا هو المؤشر علي منسوب المياة الجوفية.
* مراعاة حرمة الجار علي نحو ما أوصي به رسولنا الكريم ، في الحديث الشريف التالي:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهُ:أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال :"مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ".
والحديث الشريف التالي:
مازال جبريلُ يُوصيني بالجارِ حتى ظننتُ أنّه سيُورّثه. مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: با رسول الله إن لي جارين أيهما أهدى قال: أيهما أقرب إليك بابا
ومن هذا المنطلق ، وبفضل وجود هذا الجار ، يأتي الإحساس الصادق لدينا بالاطمئنان علي بنايتنا المتواضعة وما فيها من محتويات ، طوال فترات غيابنا عن المنطقة ، والتي تطول غالبا ، ولولا وجود مثل هذا الجار اليقظ لاختلف الأمر تماما.
الفيزيائي أحمد أحد أبناء الشيخ محمد
* وهكذا ، وفي خلال نحو عقدين من الزمان ، أصبح الشيخ محمد شتيوى ، أحد أهم الشخصيات في منطقة الذراع البحرى قاطبة ، وخاصة بعد أن من الله عليه ببناء بيت آخر في الجهة القبلية المقابلة من الطريق الدولي ، وافتتاح صيدلية لنجله الأكبر د.هاني ، ومعمل للتحاليل الطبية لنجله الثاني الفيزيائي أحمد ،  واستلام العمل كمدير لإحدى المدارس الإعدادية بالكيلو 26..ويكفي الاسترشاد بأى من هذه المواقع لوصف أى عنوان في المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق