ما أكثر النماذج البشرية التي صادفها الإنسان في الحياة!
وذلك علي جميع المستويات ، وفي مختلف المجالات..
محمود حمدى مصيلحي
(صورة بالموبايل في يوم اللقاء 12 مارس 2010)
ـــــــــــــــــ
* كان يوما من أسعد أيام حياتي ، عندما جاءتني مداخلة علي "موقع الفيسبوك للتواصل الاجتماعي" ، تحمل هذا الاسم الغالي ، وتُذكِرُني بأيام العمل سويا في الجماهيرية الليبية ، منذ أكثر من ثلاثين عاما ، حيث كان هو يعمل بمعهد معلمات جادو ، وكنت أنا أعمل بمعهد إسماعيل الجيطالي للمعلمين بنفس البلدة (جادو /ويكيبيديا، الموسوعة الحرة + موقع جادو بالقمر الصناعي + جادو/ المعرفة + جبل نفوسة الذى تقع عليه جادو)، وتضمنت المداخلة رقم الموبايل الخاص به.
* وعلي الفور بدأت عملية الاتصال السريع التي تُوّجَت باللقاء ظهر اليوم التالي علي مقهي محطة ترام شوتس ، عقب صلاة الجمعة.
ــــــــــــــــــــ
* كنت متشوقا لهذا اللقاء بدرجة لا تُوصف ، وبمجرد انتهاء خطيب وإمام جامع الصحابة من الصلاة ، قائلا "السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله" حتي سارعت في التوجه للمكان المتفق عليه في الجهة الأخرى من المزلقان ، حتي أكون في انتظاره ، وبالفعل وصلت إلي المقهي قبيل مجيئه ببعض الوقت ، وكانت هذه هي المرة الأولي التي أجلس فيها بهذا المقهي ، رغم آلاف المرات التي مررت فيها عليه.
* كنت أشرئب بعنقي في اتجاه الجانب المنتظر مجيؤه منه ، متفحصاً جميع الوجوه المارة ، خوفا من أن تخطئه العين بعد مرور هذه السنوات الطويلة ، منذ تقابلنا لآخر مرة في ديوان إدارة وسط التعليمية ، حيث كان يعمل بقسم شئون الطلبة ، وكنت أسعي لإنهاء أوراق تحويل طالب قريب لي ، وذلك خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي.
ـــــــــــــــــــ* وأخيرا ظهر الأستاذ محمود مصيلحي بلحمِه وشحمِه ، ولم يلحق به تغيرٌ ملموس ، سوى إطلاق الذقن بدرجة خفيفة .. وبينما كان يتفحص الجالسين في مدخل المقهي ، كنت ألوح له بطول ذراعي ، وأسارع بالنزول للقائه في منتصف المسافة ، وهنا كان تبادل العناق والأحضان والقبلات والمشاعر الفيّاضة والجيّاشة ، مما يصعب وصفه بأى صورة من الصور ، وبأى وسيلة من وسائل التعبير.
* وجلسنا وجها لوجه علي مدى أكثر من ساعة ونصف ، نسترجع أجمل ذكريات العمر ، ونتبادل التساؤلات عن مآل الأمور ، وعن آخر التطورات ، في محيط الأسرة ، والأبناء ، والزملاء..إلخ.
ـــــــــــــــــــ* لقد آثرت أن أستمع إليه أكثر مما أتكلم ، وأن أتطلع إلي ملامح وجهه المريحة طوال الحديث ، وكان ـ كعادته ـ ينتقي الكلمات ، ويتخيّر العبارات ، ويتوخي الصدق في رواياته ، بدون أية مبالغات أو محسنات لفظية ، ويجيب عن كافة ما يدور في مخيلتي من تساؤلات بكل أمانة ، سواء فيما يتعلق بشخصه الكريم ، أو بمن زاملناهم في العمل.
ــــــــــــــــــ* من بين الصفات الجميلة والمتعددة التي يتمتع بها الأستاذ محمود مصيلحي أنه إنسان اجتماعي مائة في المائة ، وهو رجل ودود وعطوف و"عشرى" للغاية ، وحريص علي السؤال عن زملائه وأصدقائه ومعارفه والاطمئنان عليهم ، ولا يقابله شخصٌ ما إلا ويصادقه.
ــــــــــــــــــ* استمعت إليه وهو يتحدث بأسي ، عن رحيل السيدة حرمه ورفيقة عمره ، منذ ما يقرب من العام ، وبالتحديد يوم 24 مارس 2009 ، وكان هذا هو أكبر جزء مؤثر من الحديث ، وقال في سياق الكلام إن البيت أصبح "مهجورا" ، حيث أنه يمضي معظم وقته خارجه ، خاصة وأن ابنته الكريمة ، المقيمة مع أسرتها الصغيرة بالإسكندرية ـ بارك الله فيها وفي زوجها وفي إخوتها ـ لا تريد أن تتركه وحده! وكم أحزنني هذا الأمر ، وترك في نفسي جرحا عميقا ، يصعب أن يلتئم ، لأني أعرف مدى ارتباطه ـ مثلي ـ بالبيت والأسرة طوال حياته ، وكان من بين الزملاء القليلين الذين أصروا علي اصطحاب أولادهم معهم طوال مدة الإعارة إلي ليبيا ، كما هو الحال معي ، رغم أن الظروف السياسية والعلاقات المضطربة بين البلدين كانت مقلقة ومشوبة بالتوتر ، إلي الدرجة التي اشتعل فيها الموقف علي الحدود ، ونشب القتال بين البلدين الشقيقين ، وكان من حسن الحظ وقوع هذه الأحداث المؤسفة بينما كنا نمضي الإجازة الصيفية في وطننا. (موضوع ذو صلة: الحرب المصرية الليبية - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة + الاشتباك الحدودي المصري الليبي 1977)
* لقد طافت بالذاكرة خلال هذا اللقاء الممتع ، وجوه بعض الزملاء الذين جمعنا وإياهم العمل ، سواء في الأسكندرية أو ليبيا ، وكان عنده دائما الخبر اليقين ، ومن هؤلاء الزميل محمد أنيس مدرس مادة التاريخ في معهد المعلمين ، والذى كان مرافقا لزوجته المعارة ، فأخبرني أنه قابله منذ فترة في الهانوفيل حيث يدير أحد محلات السوبر ماركت ، والزميل محمد رمزى حسنين ـ وهو من نفس دفعتي في التخرج ، وفي بداية التعيين في محافظة أسيوط ، ثم التقيت به في أعمال التصحيح بكنترول الثانوية العامة بمدرسة نبوية موسي الثانوية التجريبية للبنات ، وكان زميلا للأستاذ محمود في إدارة وسط التعليمية ، فقد طمأنني عليه حيث قابله هو الآخر منذ فترة ..أما الزميل محمد عبد العزيز حسان ، والذى ربطتني به علاقات صداقة متينة خلال سنوات طويلة ، وزمالة عمل في البحيرة ، ورفقة سفر يومي بالقطار ، وجيرة طيبة في شارع الوزير بمحرم بك..إلخ ، فقد أخبرني بانتقاله إلي الرفيق الأعلي منذ نحو خمس سنوات ، وإنا لله وإنا إليه راجعون!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق