أبنائي الأعزاء..شكرا
* كلكم وبدون استثناء ، واخدين مني موقف ، ومتضامنين مع البنت اللي مشيت ، وتعاقبونني أنا باعتبارى المتسبب في الاستغناء عنها ، بان اتحمل وحدى مسئولية رعاية أمكم ، وبمفردى في ظل مقاطعة حقيقية ، ولم تطأ أقدام أحدكم عتبة الشقة ، باستثناء داليا اللي كانت - حتي اليوم - تمر علينا بعد العودة من الشغل وتشوف لو أمها محتاجة لحاجة تعملها ، لكن من ساعة ماتروح ولغاية ماتيجي عصر اليوم التالي ، فجميع طلبات واحتياجات ومستلزمات ومحادثات ومحاولات التسرية عنها ومؤانًستها ، وتوفير سبل راحتها في رقبتي ، وانا في هذا السن المتقدم المحتاج أصلا للمساندة ، وظروفي الصحية التي لا يعلمها إلا الله ، سواء قصور الشريانين التاجي والأورطي ، أو تورم الرجلين ، او تآكل غضاريف الإبهامين والرسغين ، أو زغللة العينين بعد الكورونا ، وصعوبة التدقيق في الرؤية ، لدرجة حدوث موقف في غاية الإحراج اليوم ، فقد استعجلت مامتكم للصعود للسرير عندما اقترب موعد حضور مدربة العلاج الطبيعي ، وارتديت جاكيت صيفي فوق الفانلة ، استعدادا لفتح الباب لها طالما لايوجد غيرى ، وصليت الضحي بعد ماما وقعدت أنتظرها ، لقيت داليا جت ، فحمدت ربنا إنها موجودة خلال جلسة العلاج، فخلعت الجاكيت وبدأت في كتابة هذه الرسالة مستلقيا علي الفراش ، ولكن غلبني النعاس لحاجتي الشديدة للنوم ، وعندما أفقت وجدت الساعة تقترب من الثالثة ، فتذكرت صلاة الظهر وأنا في حيرة عما إذا كنت صليتها أم لا ، وتوجهت لحجرة ماما وأنا بالفانلة متأكدا أن المدربة خلصت ومشيت ، فتطلعت بحذر لأفاجأ بوجود ظل شخص تالت يتحرك عكس ضوء الشباك بملابس توحي بأنه "جني" ، فإذا بها المدربة تقول: السلام عليكم.. أخبارك؟ وإذا بداليا تنظر لي في ذهول ...إلخ ، إلا أنني لا أشكو لأحد وأتغلب علي هذه المشاكل بطريقتي ودون إزعاج لأحد ، وأحمد الله وأدعوه ألا يكون القادم ، هو غالبا الأسوء طالما تمر السنين بهذه السرعة * ولكنكم واهمون ، لأن خطورة حالة تغيير مفصل الفخذ تبدا بعد الانتهاء من العملية الجراحية ، ودون الدخول في التفاصيل ، فإن حالة أمكم لا يكفيها توفير جليسة ، ولكنها تحتاج لتكثيف وجودكم بأنفسكم بجانبها ، بقدر الإمكان وعدم تركها وشأنها في رقبة أى حد غريب ، اعتمادا علي وجود السفرجي العجوز ، وبحالته هذه ومهما بذل من قوة وفي حدود إمكانياته * أما عن تضامنكم مع هذه السيدة ، ظنا منكم أنكم فعلتم أقصي مافي وسعكم ، واني أتحمل مسئولية التسبب في طردها ، فيعلم الله مدى حزني بقطع عيشها وهي امرأة معيلة فعلا وتحتاج للمساعدة ، فأحب ان أوضح أني أولا لم أطلب الاستغناء عنها ، ولكني قررت الاتفاق مع أسامة لمرافقتي كل يوم إلي أى مكان أمكث فيه طوال ساعات عملها ، لأني عانيت في اليوم اللي اشتغلته من وجودها في طريقي لحظة بلحظة ومنذ خروجي من حجرة النوم ، بسبب خريطة هذه الشقة التي تجعل كل الحجرات والمرافق تصب في الريسبشن ، وفي هذا اليوم لم أتناول بق ميه منعا من الاضطرار إلي دخول الحمام ، رغم الأدوية المدرة للبول والمفترض تناولها ، كما لم أستكمل الادوية المقررة لي والتي أتناولها علي ٤ دفعات ، لأن هذا يستلزم دخول المطبخ عدة مرات لتجهيز العدد المطلوب من الوجبات الصغيرة ، كيفما كانت * كان من المستحيل - علي سبيل المثال - في هذا الجو الخانق شديد الحرارة الحصول علي حمام بارد سريع ، كما يفعل أى إنسان في بيته لسبب بسيط ، وهو لأني لا أستطيع ارتداء جميع ملابسي بسبب مشاكل اليدىن والرجلين ، وأضطر إلي ارتداء بنطلون الترينج بعد الخروج من الحمام ، ولا أتصور كيف أعبر الطريق مرتديا الملابس الداخلية أمام واحدة ست غريبة ، قاعدة طول النهار تتفرج عليا لأنها لا تجد ماتفعله ، وكل مهمتها الأساسية هي رفعها للسرير مرتين تلاثة في اليوم ، منها مرة بالليل أثناء عدم وجودها، علما بأني لا أسمح لنفسي بعمل ذلك أمام أولادى وأحفادى * وعموما ، وفي ظل انفرادى معظم الوقت بالتواجد معها ، فقد أعاننا الله لكي تدخل حجرتها لأول مرة وتنام في فرشتها التي كانت تحلم بها في المستشفي ، وتصلي معي الفجر جماعة لليوم التالت علي التوالي ، وتسبقتي أحيانا في الصحيان والنزول من السرير ودخول الحمام للتوضأ بنفسها علي الحوض ، وتفريغ القسطرة بنفسها في التواليت..كما أنها تصعد للسرير بمساعدة شخص واحد يرفع رجليها دون الحاجة إلي الآخر الذى كان يقفز خلفها ليسحب جذعها للوراء ، وتنهض من فوق الكرسي بدون مساعدة ، أو مساعدة بسيطة من شخص واحد لا اتنين ، وتتناول معي وجبة الفطور في المطبخ ، وشاى المساء بعد صلاة العشا معي أمام التليفزيون ، ثم تأوى إلي فراشها لتنام أمام الشاشة ،وأصبحت مشكلتها الآن تنحصر في طلوع رجليها إلي السرير فقط لاغير ، وأتمني التغلب عليها قريبا عن طريق العلاج الطبيعي اللي ماكانش حد منكم مقتنع بيه ، والنهارده قعدت المدربة معاها وقت طويل ونيمتها ع الجانب الأيمن ؤوضعت مخدة بين الركبتين ، وهو نفس الكلام اللي قاريه وقلتلها عليه ولكنها لم تهتم بيه * وبالنسبة لتورم الرجلين ، فقد تحسنت كثيرا ، وعقب انتهاء كل جلسة يزداد التحسن وضوحا ، وإدرار البول مناسب ، ولونه ورائحته طبيعيين ، بعدما اقتنعت بأن الحل دائما هو شرب المزيد من الماء * والحمد لله نجحنا اخيرا في الحصول علي التطعيم الذى تأخرنا فيه عن العالم كله ، وخصوصا مع الحديث عن عودة تزايد حالات الإصابة محليا ودوليا ، ولولا نزولي أنا مع أسامة اللي كان يساعدني في طلوع سلالم فودافون ، وعملت خط باسمي ، ماكنا قدرنا نعمل حاجة ..ولما عرضت علي أسامة الفكرة راح في ساعتها ووجد رفض في الأول وكتبوله رقم الخط الساخن علشان عارفين إنه سوف يؤيدهم بزعم إن تطعيم المنازل قاصر علي المعوقين ، ولكنه لم ييأس حتي وافقوا وقالوله هات الرقم القومي بتاعهم واحنا حنتصرف بالنسبة لزوجته اللي لم تتقدم بالحجز ، وفعلا جه يجرى وقعد يخبط ع الباب وانا قالع هدومي للاستحمام ومامتكم عمالة تقول مين اللي بيخبط ، ولما سمعتها بتقول أسامة طلعت جرى من غير تنشيف ، وقاللي عاوزين البطايق قبل مايقفلوا الساعة واحدة ونص ، وكانت الساعة واحدة تقريبا رهو مافيش معاه عربية لانه سلمها ومنتظر استلام الجديدة .. وفعلا بعد شوية لقيته بيخبط ومعاه الممرضة بادواتها وقامت بعمل اللازم وقالت مش محتاجين لجرعة تانية ، وأعطتنا شهادات فيها اسم اللقاح جونسون * وقبل وبعد كل ذلك ، شؤون البيت تسير علي خير مايرام ، وكل حاجة موجودة في مكانها بالضبط ، وخصصت لها علبة مفتوحة مرصرص فيها الأدوية ، ومنضدة متحركة عليها المصحف والنظارة والموبايل ، ووضعت عدة التليفون القديمة علي الكومودين بجوار المخدات ، وبرطمان الشاى المخلوط بين ناعم وخشن ممتلئة دائما ، ومافيش مواعين في الحوض في أى وقت من النهار أو الليل، ولا قشاية مرمية ع الأرض ، ولا مواد غذائية تالفة ومحشورة في التلاجة ، ولا اواني فارغة أو مليانة مرصوصة بلا داعي ع الرخامة أو البوتاجاز أو ترابيزة المكوى...إلخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق